قلعة هرات؛ إحدى أهم وأقدم القلاع الصامدة في دولة أفغانستان

كريم عصام
نشرت منذ أسبوع واحد يوم 29 أبريل, 2024
بواسطة كريم عصامتعديل زينة محمد
قلعة هرات؛ إحدى أهم وأقدم القلاع الصامدة في دولة أفغانستان

قلعة هرات (Herat citadel)؛ بعض الأماكن تموت إلى الأبد، ولكن بعضها الآخر ينهض بعد كل موتة، وهذا ما كانت عليه قلعة هرات التاريخية، والتي تروي التاريخ الحافل والمثير لمدينة هرات، فما قصة تلك القلعة. هذا ما سنكتشفه في السطور القادمة، حينما نتعرف على تاريخ القلعة وسبب أهميتها، كذلك أهم الأحداث التاريخية التي مرت بها.

تعريف بقلعة هرات

تُعد قلعة هرات إحدى أهم وأقدم القلاع الصامدة في مدينة هرات، بل في دولة أفغانستان أجمع، حيث يعود تاريخ بنائها إلى سنة 330 قبل الميلاد. حيث بناها الإسكندر الأكبر بعد دخوله أفغانستان، ومنذ ذلك الوقت وحتى الآن لا تزال القلعة صامدة برغم كل ما مرت به من أحداث تاريخية مُدمرة وحروب عنيفة على مر العصور. يُطلق على تلك القلعة أيضاً “قلعة الإسكندر”، كما وتُعرف بين سكان مدينة هرات “بقلعة اختيار الدين”.

تروي لنا القلعة الآن أهم الأحداث العظيمة التي مرت بها، حيث تحتوي القلعة على مجموعة من المنشآت، والنقوش والأحافير التاريخية التي تعكس التاريخ الحافل لتلك البلاد. بلا شك نالت القلعة إعجاب كل زوارها، حيث قد حصلت على تقييم عام 4,5.

اسم البناء قلعة هرات
نوع البناء قلعة تاريخية
الدولة أفغانستان
الموقع 85WQ+753، هرات
التقييم 4,5
سنة البناء 330 قبل الميلاد
المالك وزارة الثقافة الأفغانية
أرقام التواصل 93728084000+

تاريخ قلعة هرات

دخل الإسكندر الأكبر إلى أفغانستان هو وجيشه وخاض معركة شهيرة انتصر فيها تُعرف بمعركة “غوغاميلا”. بعد ذلك قرر الإسكندر بناء قلعة في البلاد لتكون حصناً له وقاعدة عسكرية. اختار الإسكندر موقع القلعة بعناية، حيث تم بناؤها شمال مدينة هرات، وهناك ظلت قائمة لفترة طويلة. بعد انتهاء فترة حكم الإسكندر، مرت فترات حكم مختلفة ومتعددة على مدينة هرات، حيث حكمتها عدة إمبراطويات أمثلة “الأمويون”، “الغزنويون”، وغيرهم الكثير. اشتهرت جميع تلك الإمبراطوريات باستخدامها للقلعة كمقر وحصن رئيسي.

كانت قلعة هرات مُستقرة بالأخص في عهد “الغزنويون”، بالتحديد عام 1175، حيث اتصفت هرات في تلك الفترة بالازدهار والرخاء. في عام 1221، دخل جيش “جنكيز خان” المدينة، وقام بتدميرها، وألحق بالقلعة ضرراً بالغاً. بعد رحيل المغول، أسّس “الكرتيين” حكمهم في البلاد عام 1221، وقاموا بإعادة بناء المدينة والقلعة. في الفترة 1299/1300، قام الأمير الكرتيدي “فخر الدين” بتقوية القلعة وتعزيز أبراجها، أسوارها، جدرانها، وخندقها. كما وقام أيضاً ببناء مسجد في جزء القلعة الغربي. أكمل أيضاً خليفته في الحكم الأمير “غياث الدين” بعض الأعمال في القلعة، حيث قام ببناء قصرين في الجزء الشرقي منها.

بعد انتهاء فترة الكرتيين، أصبحت هرات تحت حكم “الإمبراطورية التيمورية”، التي أسسها “تيمورلنك” أو “تيمور غوركاني” عام 1370، والذي أيضاً قام جيشه بتدمير القلعة عام 1380. بعد وفاة تيمورلنك” عام 1405، استلم ابنه “شاه روخ” حكم البلاد حتى عام 1444، حيث نقل عاصمته إلى هرات، وقام بحملة بناء وتطوير واسعة من ضمنها إعادة تأهيل قلعة هرات. دعّم “شاه روخ” القلعة بمزيد من الحجارة، وغطّى الهيكل الخارجي لها بالبلاط المُزجّج، حيث أن الهيكل الخارجي الحالي للقلعة من بناء “شاه روخ” عام 1415.

في القرن الثامن عشر، أثناء فترة حكم إمبراطورية “دوراني”، تم استخدام القلعة كحصنٍ منيع، مستودع جنود، مقر إقامة ملكي، وأيضاً كسجن. في القرن التاسع عشر، اندلعت الحرب “الأنجلو_أفغانية”، والتي خلّفت وراءها أضراراً بالغة للقلعة. في عام 1953 كانت القلعة على حافة الفناء التام، ذلك لأن قائد جيش هرات وقتها أمر بتدمير القلعة لسبب تافه، وهو أن ينقل قاعدته العسكرية مكانها، إلا أن الملك “ظاهر شاه” تصدى له حينها وأوقف دمار المبنى. في الفترة 1976/1979، قامت منظمة اليونسكو بعمليات ترميم عديدة، لكن ليست كاملة داخل القلعة، بعد سنوات من الإهمال.

عملية الترميم الأخيرة للقلعة

بعد انقضاء فترة السبعينات، مرت عدة عقود من الحروب والنزاعات في البلاد مثل الحرب الأهلية في أفغانستان، وكان للقلعة نصيباً من الخراب الذي تسببت به تلك الأحداث. حيث تعرضت القلعة لعدة أضرار، وكذلك النهب عدة مرات، وظلت مُهمَلة حتى عام 2005، إلى أن سلمها الجيش الأفغاني لوزارة الثقافة الأفغانية. في عام 2006 بدأت بعض المنظمات الدولية في مشروع جاد لإعادة إعمار وتأهيل القلعة. استمرت عملية التأهيل 5 سنوات، حيث انتهت عام 2011.

استهلك بناء القلعة طوال تلك الفترة مئات العمال الأفغان ومليوني دولار تقريباً تكفلت بها الحكومتين الأمريكية والألمانية، وكذلك صندوق “الآغا خان الثقافي” (AKTC). تم افتتاح القلعة للجمهور في أوائل عام 2012، وأُقيم فيها احتفالاً ضخماً بمناسبة الافتتاح، بحضور رئيس وزراء الولايات المتحدة. القلعة مستقرة منذ ذلك الحين، ضاربة لنا مثلاً في الصمود عبر التاريخ.

وصف قلعة هرات

القلعة مبنية فوق تل صناعي يرتفع عن الأرض بمقدار 10 متر تقريباً، ويمتد من الشرق إلى الغرب. كان يحيط بالقلعة خندقاً، لكن تم استبداله حالياً بحديقة كبيرة تحيط بالقلعة، ويحيط بالحديقة سياج طويل على طول جدران القلعة. تم تقسيم القلعة لقلعتين سفلية وعلوية، وذلك على حسب الأبنية الموجودة داخل القلعة عامة.

القلعة العلوية

القلعة العلوية هي عبارة عن المباني التي توجد في الجزء الشرقي من القلعة الأم، وسُميت بذلك، نظراً لارتفاع جدران تلك المباني عن سطح الأرض. يُعتبر ذلك الجزء هو الأقدم والأكثر تحصيناً في القلعة، ويضم 13 برجاً ممتدة على مساحة قدرها 756 م² تقريباً. ذلك الجزء مبني من طوب البناء المحروق، ويضم حالياً المتحف الوطني لهرات.

القلعة السفلية

القلعة السفلية هي المباني الموجودة في الجزء الغربي من القلعة الأم، واكتسبت ذلك الاسم لانخفاض جدران مبانيها عن جدران مباني الجزء الشرقي. يمتد ذلك الجزء على مساحة قدرها 1500 متر مربع، ويضم الأبنية التي أضافها الكرتيون. ذلك الجزء مصنوع من الطوب المفخور، ويضم هياكل عسكرية تابعة للإمبراطورية التيمورية. كما ويحتوي على ستة أبراج مرتفعة، والتي كانت في الأصل تسعة أبراج، وكذلك متحف عسكري وإنثوغرافي.

يُمكن الاستنتاج من القلعتين السفلية والعلوية، أن مجموع المساحة الكلية لقلعة هرات هو 2256 م² تقريباً. كذلك فإن القلعة تحتوي على 19 برجاً بطول 30 متراً، وجدران بسُمك 2 متر.

موقع قلعة هرات

تقع القلعة بمركز المدينة بالقرب من الجزء الشمالي، أمام طريق “پاي حِصار”. يوجد عدة منشآت حول القلعة مثل مراكز التسوق، ومجموعة مطاعم شهيرة منها مطعم “تنين”، ومطعم “دايكندي دروازة مليك”. أثناء التجول في مدينة هرات، يمكن زيارة مجموعة من المعالم الأخرى القريبة من قلعة هرات، كذلك عدة فنادق للإقامة. يوضح الجدول أدناه بُعد كل تلك المواقع عن القلعة.

اسم الموقع المسافة مدة الوصول بالسيارة
المطار الدولي 18 كم 27 دقيقة
مركز المدينة 1,2 كم 4 دقائق
المسجد الأزرق 1,3 كم 6 دقائق
مآذن هرات 1,7 كم 5 دقائق
كوبري مالان 7,3 كم 18 دقيقة
فندق أرج 4 كم 11 دقيقة
مطعم تنين 400 متر 3 دقائق
فندق كاخ هرات 1,1 كم 4 دقائق
ضريح خواجة عبدالله 7,8 كم 17 دقيقة

مواعيد عمل قلعة هرات

يمكن زيارة القلعة في المواعيد التي يوضحها الجدول التالي.

اليوم مواعيد العمل
الأحد: الخميس 10AM : 12AM
السبت 10AM : 4AM
الجمعة طوال اليوم

كيفية الوصول إلى قلعة هرات

موقع قلعة هرات شهير ومعروف، ويمكن الوصول إليه من المطار بسهولة من خلال عدة خطوات كالآتي:

  1. نتجه جنوباً من المطار لمسافة 350 متر.
  2. ندخل طريق “قندهار_هرات”، بالانحراف يساراً، ونبقى بالطريق مسافة 1,3 كم، حتى الدائري.
  3. عند الدائري، نخرج من المخرج الثاني، ونبقى بنفس الطريق مسافة 13 كم، حتى نصل لدائري آخر.
  4. نخرج من ذلك الدائري مباشرةً لندخل طريق “قهرمان ميلي”، ونبقى فيه مسافة 900 متر.
  5. ندخل طريق “خواجة علي موفق” بالانحراف يساراً، ونبقى فيه لمسافة 1,6 كم، حتى نصل لدائري.
  6. من ذلك الدائري، نأخذ ثاني مخرج لندخل طريق “AH1″، ونستمر فيه مسافة 350 متر.
  7. ننحرف قليلاً ناحية اليسار إلى ميدان “غولها” بطول 50 متر.
  8. نخرج من الميدان لنبقى في طريق “AH1″، مسافة 400 متر.
  9. عند الدوران، ننحرف يميناً مسافة 30 متر، ثم يميناً لندخل طريق “پاي حِصار”، ونبقى فيه مسافة 180 متر.
  10. أخيراً، نتجه يميناً، ونبقى بنفس الطريق مسافة 400 متر، حيث ستكون قلعة هرات موجودة.

اقرأ المزيد:

في الأخير، يجب القول أن قلعة هرات مثال تاريخي حي على الصمود في دولة أفغانستان، والتي تروي تاريخ أعظم الأحداث والشخصيات التاريخية. لذا سيكون من الخسارة حقاً زيارة مدينة هرات بدون المرور على تلك القلعة العريقة.

التعليقات

عذراً التعليقات مغلقة